Logo 2 Image




الأنشطة والفعاليات مادبا

أمسية شعرية "جرشية" في مدينة الثقافة

حرارة الطقس لم تكن عائقاً، هذه المرة، أمام أن يتوسد الشعر خطاه عبر المسافة بين مادبا وعمان، ليتم الاحتفاء بثلاثة شعراء: موسى حوامدة، نضال برقان وعلي شنينات، الذين قرأوا جملة من قصائدهم القديمة والجديدة، في قاعة مديرية ثقافة مادبا.

كان ذلك في أمسية أدارها الشاعر جلال برجس ضمن أمسيات مهرجان جرش 2012، أقيمت في مادبا مدينة الثقافة الأردنية 2012.

وجاء في التقديم: "هناك من الشعراء المحتفى بهم منهم من صرخ ذات حلم بأن (شجري أعلى) فاعتلت اشجاره، ومنهم من تأمل (مصيدة الحواس) فرتب حواسه بالشعر وبالأحلام التي سيبقى الشاعر ينتهج دربها، ومنهم من ركض على الغيم وراح ينادي (الهشاشة) فاكتست عظامه بكلس المفردات والصورة المغايرة".

القراءة الأولى كانت للشاعر شنينات، صاحب مجموعة "هشاشة"، إذ قرأ جملة من قصائده التي حاورت هماً ذاتياً ينسحب دون مورابة على الهم العام، في إنجاز الحياة على سجية شعرية، متخذاً المرأة كثيمة للخصب والنماء، لغة لمساءلة العالم. ومن طقس قراءته:

"وَهَا أنَا بِلا امْرَأةٍ بَعْدُكِ يَا حَبيْبَتِي..

أجْلِسُ وَحِيْدَاً بَيْنَ نِسَاءٍ شَبِقَات

يُشَذِّبْنَ ذٌكُورَتِي

الَّتِي انْتَفَخَتْ فِي غِيَابِكْ..

فَلَنْ تَثْبُتَ بَرائَتي مِنْ دَمِكِ...

قَدْ كُنْتُ آخِرَ قَلْبٍ كانَ هُنَاك

وَآثَارَ يَدي وَجَدُوهَا تُمْسِكُ في خِوَائِكْ..

أيَّتُهَا الْمَيِّتَة! هَلْ أنَا حَيّ؟".

برقان، صاحب "مجاز خفيف"، ذهب باتجاه فضاء تتشابك في الرؤى الصوفية، بالمزاج الإنساني المغاير، والذي ينحو منحى مشهدياً يعاين عبره وجع الإنسان الحالم بصورة واضحة للكون. إذ جاءت قصائده كما لو أنها نجم سقط على شرفة مصابة بالعتم فأحدثت الدهشة، عبر نبضات السؤال الذي جاء من خلال قصائد احتفت بالوزن والقافية واحتفت بالجديد الذي يثبت أن الحداثة ليست رهينة القصيدة النثرية وحدها. ومما قرأً:

"بيني وبينـَكَ عتمةٌ، وسـؤالُ

واسمٌ على شـفتيّ ليس يقالُ

ونداءُ ظمآنٍ تكسـرَ في الصدى

وفتاتُ ليلٍ كالـحٍ، وظلالُ

بيني وبينـَكَ رغبةٌ مشروخةٌ

وحكايةٌ مسفوحةٌ، وخيالُ

عيني تشمـُّـكَ في الجهات، ولا أرى

شيئا، كأنـَّـك -يا دجاي– مـُـحالُ

الناسُ تأخذهم إليكَ هداية

أبدا، ويأخذني إليكَ ضلالُ".

القراءة التالية كانت للشاعر حوامدة، وتميزت بربط الخيط بين المتلقي وبين الشاعر، وقد اتضح ذلك عبر قصائد أقل ما يمكن القول عنها إنها تحمل في جنباتها عصارة تجربة حياتية مهمة، تسائل الحياة بكل جرأة، إذ أضاء حوامدة الأمسية بقناديل قصائده التي عاينت الوجع الإنساني برؤى إنسانية بحتة لم ترتهن إلا للإنسانية نفسها.

فقد عاين صاحب "موتى يجرون السماء"، الراهن الإنساني والذي يتبدى هذه الأيام بتبدلات على الصعيد العربي، تلك التبدلات بكل تناقضاتها، عاينها عبر بصيرة الشاعر الذي يمكنه استشراف ما وراء اللحظة، إذ يصير الشاعر هنا عين الكون التي يمكنها أن تشير إلى وجع قادم كما يمكنها أن تشير إلى فرح خفي قادم ايضاً. ومن أجواء ما قرأ حوامدة:

"مأخوذاً بصورة النقوش الفرعونية

عتيقاً مثلَ فسيفساء مادبا

متأهباً كما جيشِ كسرى.

كسرى

...كافٌ وسين

أعمى يرى

في خَرس العتمة

قمراً مخفوقاً بالطين

راء وسين

ويدٌ تعبث بالأفلاك،

بقرى الصعيد

بتاريخ الأسى

وتاريخ العبيد".

وفي نهاية الأمسية سلم نائب رئيس رابطة الكتاب الأردنيين الشاعر والروائي مؤيد العتيلي الدروع للشعراء الذين شاركوا في الأمسية.

كيف تقيم محتوى الصفحة؟