المساجد الإسلامية في جرش:
يبدو أن مدينة جرش الغسانية بقيت مأهولة بالسكان بعد معركة مؤتة في عام 636م، وأن جزءاً من سكانها قد تحولوا للإسلام بدلالة البقايا الأثرية التي عثر عليها خاصة بناء المساجد المؤرخة للفترتين الأموية والعباسية.

البقايا المعمارية الأثرية المؤرخة للفترة بين 900 – 750 ميلادي
(عن Walmsley 2018: Fig. 16.8)
كشفت التنقيبات الأثرية التي جرت في مدينة جرش الأثرية إضافة للمعابد الرومانية والكنائس البيزنطية عن مساجد نذكر منها المسجد الذي عثرت عليها بعثة دائرة الآثار العامة الأردنية في جرش عام 1981م بإشراف "عايده نغوي"، حيث عثر في موقع إلى الشمال من بوابة معبد آرتميس وكنيسة الجسر المقابلة لها وبمحاذاة شارع الأعمدة الرئيسي ، وفوق أنقاض منزل روماني على بناء لمسجد أموي. يقع مدخل المسجد الذي يبلغ عرضه 1.20م في الجهة الغربية للبناء، وهو مبني من حجارة رومانية كانت مستخدمة في أبنية أخرى. ولا زالت بعض جدران المسجد ، عند اكتشافه، ماثلة للعيان وترتفع بين 60 – 67 سم.
يتكون المسجد من صحن أبعاده حوالي 12م شمال- جنوب وعشرة أمتار شرق -غرب، يحيط به رواقان، لم يتبقى منه سوى الرواق الغربي حيث وجدت خمس قواعد للأعمدة كانت تحمل السقف. وللمسجد محراب بني في جداره الجنوبي بارتفاع يبلغ حوالي 1.55م ، و يظهر أنه كان حنية مبنية في مبنى رومانياً بسبب وجود نحت على شكل صدفة في الجزء العلوي منه، وبني بالقرب منه مدخل عرضه 1.40سم على جانبيه عمودين حجريين. يلاصق الجدار الغربي غرفة مربعة الشكل، كما عثر على غرفة أخرى في الجهةالجنوبية الشرقية، وعلى قاعدة عمود مثمنة الشكل في الجدار الشمالي. وتذكر المنقبة أن العثور على مثل هذا المسجد هو دليل قاطع على انتقال السلطة في جرش بعد عام الفتح (636م) من أيدي البيزنطيين إلى أيدي المسلمين. ويمكننا أيضاً القول أن سكان جرش الغساسنة قد تحول قسم منه من الديانة المسيحية للإسلام.
مخطط مسجد جرش الأموي (نغوي 1982: 21، المخطط 1)
كذلك أعادت البعثة الأثرية الأردنية - الدنماركية عام 2002م اكتشاف المسجد الأموي المؤرخ للقرن الثامن الميلادي ، الذي بني بالتحديد في زمن الخليفة هشام بن عبدالملك (724 – 734 م ) ، وعثرت عليه أولاً بعثة جامعة ييل الأمريكية في الفترة بين 1929 – 1934م(Walmsley 2018: 246-250) . واستطاع المنقبون التعرف على ثلاث مراحل بنائية لهذا الجامع، وهي على النحو الآتي:
1. المرحلة الأولى: وتعود لفترة هشام بن عبد الملك (725 -735م).
2. المرحلة الثانية: حصلت تعديلات على البناء خلال الفترة الواقعة بين منتصف القرن الثامن وحتى بداية الحادي عشر الميلادي (الفترة العباسية) (حوالي 750 – 1258 ميلادية).
3. المرحلة الثالثة: ربما حصل تراجع في عدد سكان المدينة خلال القرن الثالث عشر بدلالة المكتشفات الأثرية التي وجدت على مصطبة هذا الجامع.
وقد بني هذا الجامع بشكل مستطيل ، إذ تبلغ أبعاده 44.5م شمال – جنوب، و 36.6م شرق – غرب.، بالقرب من تقاطع الشارع الرئيسي (الكاردو) مع الشارع الفرعي (ديكيومانوس)، ويطل على تقاطع البوابات. وجاءت أرضية المسجد مرصوفة بالبلاط، وعثر على بقايا لأعمدة ومحاريب. ولوحظ وجود ثلاثة محاريب في هذا المسجد، كما عثر على بقايا لبرج يعتقد أنه أستخدم مئذنة. ويبدو أن البناء الأصلي للمسجد يعود للفترة الرومانية- البيزنطية، وأعيد بنائه في الفترة الأموية باستخدام حجارة مباني الفترات السابقة. وللمسجد صحن مكشوف وبيت صلاة ومدخلان، وكان بابا المسجد يفضيان إلى السوق.
منظر عام لجامع جرش الأموي
(عن 7 Walmsley 2018: Fig. 16.)